ذ.عبدالعزيز قريش مفتش تربوي هذه الورقة قدمت كأرضية للنقاش في ورشات ” تكوين هيأة التأطير ” خلال الدورة التكوينية لهيأة المراقبة التربوية ايام 3 و4 و5 نونبر 2008 بمدينة وجدة الجــــــــــــــــــــــــــــزء الأول ـ تلمس:
ظاهرة الأقسام المشتركة أو الأقسام متعددة المستويات أو ما يصطلح عليه في بعض الأدبيات التربوية الأقسام متعددة الرتب أو الأقسام متعددة البرامج ظاهرة عالمية وقديمة، استدعيت لمعالجة بعض إكراهات الواقع في الأنظمة التعليمية. ولسنا بصدد سرد تاريخي للظاهرة بقدر ما نحن بصدد مقاربة الظاهرة نظريا بما يساهم في إبداع بعض الحلول العملية لتدبيرها في الواقع المعيش للمؤسسة التعليمية المغربية.
الأقسام المشتركة ظاهرة تتكاثر خاصة في العالم القروي وبعض الأحزمة الهامشية لبعض المدن المغربية، حيث ( بدأت وضعية الأقسام متعددة المستويات تأخذ حجما متزايدا في السنوات الأخيرة إذ بلغت 20% في إحصاء 2006-2005 وحوالي22% في الدخول المدرسي 2007 -2006 فضلا على التزايد لمثل هذه الأقسام التي يتجاوز عدد المستويات بها ثلاثة مستويات )؛ مما يؤدي إلى عوائد سلبية على ناتج التعلم لدى المتعلمين إن لم نقل ناتج كارثي يقضم مجهودات الأستاذ والتلميذ على حد سواء، الشيء الذي يستدعي التفكير في معالجتها جذريا أو على الأقل الحد من نتائجها. وهو الأمر الذي يتطلب معرفة إبستيمية ومهنية عميقة بهذه الظاهرة في المستوى النظري وفي المستوى العملي، كما يتطلب فقها مهنيا بإدارة الأزمات، يستمد من علم إدارة الأزمات ومن التجارب الشخصية لهيئة التدريس في هذا القسم، وإن كانت هذه التجارب غير مدونة في أغلبها وأعمها، مما يستدعي تدوينها ونشرها للاستفادة منها على نطاق واسع. ويقتضي النشر تفعيل البحث العلمي في المؤسسات التعليمية لأنها المختبرات الأساسية لكل بحث ميداني. ومنها تنطلق أساسيات التعلم. فالظاهرة غدت تؤرق الجميع، وتقض مضاجعهم؛ خاصة منهم المكتوون بنارها، الذين يعيشونها صباح مساء! ويجدون أنفسهم محاصرين بنتائجها، باحثين عن حلول لها ولو على مستوى الممارسة الصفية انطلاقا من مجموعة أسئلة فرضت نفسها على الميدان من قبيل: ما الأقسام المشتركة؟ كيف تشكلت؟ وما أسبابها؟ وما علاجها؟ وكيف ندبرها؟ بمعنى ما المقاربة البيداغوجية والسترجة التي يمكن توظيفها في هذه الإشكالية؟ حيث ( إن الإجابة عن هذه التساؤلات هي مسؤولية جميع المشتغلين والمهتمين بقضايا التعليم الأساسي الحريصين على مصلحة أبناء هذا الشعب والغيورين على مستقبلهم. إن من واجب هؤلاء التفكير بجدية في السيطرة على هذه الظاهرة وفق رؤية استراتيجية للنهوض بالتعليم في الوسط القروي تصبح معها ظاهرة القسم متعدد المستويات ضمن نظامنا التعليمي حلا للمشكلة، وليست مشكلة كما جرت العادة أن ينظر إليها ). وهو ما يجري حاليا مع الخصاص المهول في الموارد البشرية في ظل التقشف البشري الذي يسيطر على الفكر السياسي المغربي، وفي ظل التطبيق العملي لها في السياسة التعليمية. حيث أصبحت الأقسام المشتركة مدخلا لحل جملة من المشاكل سنأتي عليها لاحقا.
وقبل الغوص في أعماق الأقسام المشتركة، فترى أي مصطلح أجدر بالدلالة على هذه الظاهرة لغويا واصطلاحا؟
ـ إلى الدلالة اللغوية:
ورد في هذه الظاهرة أكثر من لفظ لغوي يحمل أكثر من دلالة لغوية، حيث وظفت فيها ألفاظ: الأقسام المشتركة والأقسام متعددة المستويات والأقسام متعددة الرتب والأقسام متعددة البرامج أو الأقسام مدمجة. فمنطوق كل منها له دلالته المعجمية، تشترك هذه الصيغ اللغوية فيما بينها بلفظ ” متعددة ” التي تعني التكثير والزيادة والحسبان وغيره من المعاني التي يحملها أصل الكلمة ” عد ” في المعجم اللغوي. ومنه؛ كرهت هيئة التدريس هذا التكثير والزيادة في حِمل التعليم بإضافة قسم إلى قسم في الزمان والمكان، وبما يحمل كل قسم من خصوصيات وحيثيات قد تنسجم وقد تختلف، وفق منظور كل منظر وساس لهذه الأقسام.
ففي المعجم نجد لفظ ” قسم” وارد من الأصل المعجمي” ق س م ” يعني جزأ وفرق، وهو المعنى الذي يخالف المقصود بالقسم في العرف التربوي، حيث عمليا مفهوم القسم يحمل دلالة الضم والجمع، مما يستدعي البحث اللغوي إقصاء هذا المعنى وإيراد معنى التقدير والتفكير والتدبير؛ حيث يقال: ” قسم فلان أمره: قدّره ونظر فيه كيف يفعل ” ، حيث القسم يستدعي التقدير الجيد والتفكير العميق لتدبيره وحكامته باستحضار مستلزمات وشروط ومطالب التدريس وسياسة المتعلمين، الشيء الذي يستدعي المعنى الإضافي الآخر للفظ ” قسم ” وهو الخُلق والعادة والغيث والماء، حيث الدلالة اللغوية العميقة التي يحملها الخلق الطيب والسمة الحسنة والعادة الفاضلة والغيث الساقي لتربة المتعلم المعرفية والمهاراتية والقيمية والاجتماعية والماء العذب الذي يروي عطش الظامئ للعلم والتعلم. ففي لفظ ” قسم ” دلالات لغوية جليلة تنقل القسم المشترك من موضع المشجب إلى موضع السائل؛ بمعنى تنقله من تحميله كل أخطاء السياسة التعليمية والنظام التربوي والتكويني إلى موقع مساءلته للسياسة التعليمية والنظام التربوي والتكويني ” وإذا الموءودة سئلت، بأي ذنب قتل ” ؟ لتتوارد الأسئلة وتتشعب وتتعمق في تجاه دراسة الظاهرة دراسة علمية موضوعية ومتعمقة في كل تفاصيلها.
ولفظ ” الأقسام المشتركة ” هو موصوف وصفة للجمع، مفرده القسم المشترك. و ” المشترك ” مادة لغوية من الجذر المعجمي ” ش ر ك ” ولها معان منها : انقطع شراك النعل، والكفر، وحبائل الصيد، والندرة، والسريع من السير، والطرق التي لا تخفى عليك ولا تستجمع لك، الحديث مع النفس كالمهموم، وبيع بعض ما اشترى بما اشتراه به، ووقعت بين طرفين شركة. وكلها معان قد يتضمنها القسم المشترك بصفته السلبية أو الإيجابية؛ ونستقي من المتساوق معنى مع الأقسام المشترك؛ حيث انقطعت كفاءة هيئة التدريس بتعقيدات هذا القسم، وصيدت الأستاذ إلى الحيرة في أمره، وانجلت طرق التدريس لديه دون أن تستجمع لديه من أجل إخراجه من الورطة، فهَمّت نفسه، فحدثها كيف السبيل إلى الخروج بنتائج القسم المشترك إلى الجودة، فوَدَّ في ظل ذلك أن يشاركه أهل التربية والتكوين جميعهم، من الوزير إلى الحارس مضيفا إليهم الآباء والأمهات والناس أجمعين لأن حمله ثقيل، وبعض من الوزارة يريد تحميله وزرها على وزره ضدا على قوله تعالى: ” ولا تزر وازرة وزر أخرى، وإن تَدْع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربي ” وبذلك؛ يعني هذا القسم لدى البعض الجحيم المهني ولدى البعض المشجب الذي يعلق عليه كل إخفاقاته، خاصة في إطار عدم التدرب والتكوين على التدريس في القسم المشترك إلا ما نزر من مشاهدة بعض الدروس في أقسام مشتركة سمحت بها بعض الزيارات إلى العالم القروي من بعض مراكز تكوين الأساتذة!؟
وهذا التركيب اللغوي هو الذي أميل إليه ما دام تعبير القسم متعدد المستويات قد يؤدي إلى التباس مع المستويات الكفائية للمتعلمين في عرف الأدبيات التربوية غير المغربية، فيما يظل هذا التعبير الأخير صالحا للتعبير عن الظاهرة في حدود معينة، لأننا نقصد بالمستوى في عرفنا التربوي ما يقصده بعض المشارقة بلفظ ” صف “. وأما الرتب والبرامج فلها مجالها المعرفي الذي يشتغل به المتخصصون. ويبقى مفهوم الاندماج لا ينطبق على القسم المشترك لأن الاندماج يعني من بين ما يعني الانصهار والدمج للخلوص إلى وحدة جديدة لها خصوصيات جديدة غير خصوصيات مكوناتها الأولية؛ في حين تبقى مستويات المشترك محافظة في الأغلب على خصوصياتها. وإن كانت هذه المصطلحات تتقاطع في بعض معانيها الاصطلاحية مع القسم المشترك ولكن ليس إلى حد التقاطع الأكبر في السيمات المشتركة، بمعنى أنها ليست مترادفة لأن سيمات بعضها النووية لا تتقاطع فيما بينها، وهي متقاربة فقط. وعليه سأوظف مصطلح الأقسام المشتركة الذي يملك من الدلالة المهنية والاصطلاحية ما يقوي ميلنا في الاستعمال.
ـ إلى الاصطلاح:
لقد وردت عدة تعريفات اصطلاحية للقسم المشترك نستقي منا مثالا لا حصرا:
هو قسم يتم فيه تجميع مستويين على الأقل في فصل واحد وتسند مهمة التدريس فيه لمدرس واحد يتعامل مع منهجين دراسيين متباينين أو أكثر ومع تلاميذ يختلفون من حيث سنهم ومستواهم وجذورهم الاجتماعية.
القسم المتعدد المستويات أو ما يسمى بالقسم المشترك، هو مجموعة من التلاميذ يتواجدون في حجرة معينة، ولا يتلقون نفس التعليم، أو بعبارة أخرى هو مجموعة لا متجانسة من التلاميذ يشغلها مدرس واحد في زمان واحد. وغالبا ما تتكون من مستويين لكل منهما منهاج وكتب ودروس خاصة، ولكن ينتميان إلى مرحلة تدريسية واحدة.
يتكون من مستويين دراسيين متتابعين ومنتمين إلى إحدى مراحل السلك الأول من التعليم الأساسي الثلاث الأول والثاني، الثالث والرابع، والخامس والسادس.
القسم المشترك هو جمع بين مستويين دراسيين أو أكثر في حجرة واحدة، وفي وقت، وتحت رعاية معلم واحد، علما أن المستويين متباينان على المستوى العمري للمتعلمين والعقلي والمعرفي، متباينان على مستوى المقررات الدراسية، ومن حيث الكتب والوسائل، مشتركان في الغلاف الزمني المخصص للمادة الدراسية الواحدة.
القسم الذي يتم فيه تجميع مستويين على الأقل في فصل وتستند مهمة التدريس فيه لمدرس يقوم بتدريس منهجين دراسيين أو أكثر لصفين من التلاميذ يختلفون من حيث السن بالإضافة إلى اختلاف جذورهم الاجتماعية. والتدريس يتم بلغة أو لغتين ضمن استعمال زمن خاص.
يقصد بالأقسام متعددة المستويات تلك التي تضم أكثر من مستوى دراسي خاصة بالوسط القروي حيث يكون عدد التلاميذ في كل مستوى قليلا. ونتيجة لذلك ، يجمع تلاميذ مستويين أو ثلاثة في قسم واحد لا يتعدى مجموع عدد تلامذته حجم قسم عادي. والرؤية النقدية لهذه التعاريف تفيد أنها متواردة في بنيتها المعنمية الأساسية الواحدة عن الأخرى، وتتضمن بعض الالتباس الذي يشوش على التعريف؛ حيث اختلاف السن ومستوى التلاميذ الكفائي وجذورهم الاجتماعية واردة في القسم العادي، فبالأحرى في القسم المشترك! وهنا اللبس يوحي بأن القسم العادي قسم منسجم في تلك المداخل، في حين هو خلاف ذلك. غير أن في القسم العادي السن يكون متقارب عنه في القسم المشترك، الذي يتجاوز فيه الفارق السنة الواحدة. كما أن المحيط الاجتماعي بما يحمل من دلالة اجتماعية مادية وثقافية وفكرية وإيديولوجية وعقائدية هو القاعدة البشرية للمؤسسة التعليمية التي تشكل المورد البشري الضاخ لتجدد المستويات التعليمية بالمؤسسة، بمعنى مدخلات المؤسسة التربوية البشرية التي تسمح باستمرار خدماتها بل وحياتها. وبالتالي فإن المعطى الجغرافي هو الذي يطبع في الغالب العام المؤسسة التعليمية بطابعها الاجتماعي. وهذه القاعدة آخذة إلى التغير مادامت المؤسسات التعليمية الخاصة تستقطب بعض التلاميذ من خارج محيطها الاجتماعي، ومادام التعليم العمومي في مساءلة عن المردودية والجودة وعن أداء وظيفته العامة. وعليه فإن القسم الواحد تجد فيه الجذور الاجتماعية للمتعلمين متنوعة ومختلفة.
وأما عن اشتراك مستويي القسم المشترك في الغلاف الزمني المخصص للمادة الدراسية الواحدة ففيه نظر، ذلك أن الغلاف الزمني هو للحصة التدريسية وليس للمادة الدراسية الواحدة لأنهما مادتين وليست مادة واحدة، وبالتالي فإنهما يشتركان في الغلاف الزمني للحصة التي تضم مادتين دراسيتين من حقل معرفي واحد أو من حقلين معرفيين مختلفين. كما أن عدد التلاميذ لا يتعدى عدد تلاميذ قسم عاد، فقد يحضر في بعض الأماكن أن يكون العدد أكبر من عدد القسم العادي خاصة في ظل قلة الموارد البشرية. وهذا يعني أن التعاريف الاصطلاحية السابقة يجب إعادة قراءتها من جديد لترشيح تعريف اصطلاحي معبر عن الظاهرة. لذا سأذهب إلى علم الاجتماع لأمتاح بأدواته ومفاهيمه تعريفا للقسم المشترك؛ حيث أقول: ” القسم المشترك بنية تعليمية تعلمية نظامية مؤسساتية تؤدي وظائف معينة لصالح السياسة التعليمية ولصالح المتعلم والمجتمع، تتمظهر في مستويين مختلفين متباعدين أو متتاليين، وفي حجرة واحدة وغلاف زمني واحد، وفي برنامجين متقاربين أو متباعدين، وفي مدرس واحد ضمن معطيات معينة “. ويفيد هذا التعريف أن:
ـ القسم المشتركة هو بنية من بنيات النظام التعليمي المغربي، يقوم على وجود مادي وقانوني وأدبي، توجد حيث توجد أسبابها، وهي تلعب دورا نظاميا في هيكل التعليم العام. وهي مؤسساتية تقوم على تأطير قانوني معبر عن حضور وزارة التربية الوطنية فيه بكل أبعادها المؤسساتية. فوجود:
* المذكرة رقم 114 بتاريخ 23/07/1990 موضوع تداريب على الأقسام المشتركة. * المذكرة رقم 9/3776 بتاريخ 13/06/1991 موضوع الأقسام المشتركة.
* مراسلة وزارية رقم 9/0515 بتاريخ 19/01/1997 موضوع تداريب على الأقسام المشتركة.
* توجيهات وأهداف تخص الأقسام المشتركة.
* الدليل العملي للأقسام متعددة المستويات.
* جيل بيلتيي ومركريت رييو ـ دولان، بيداغوجية الفوارق في الأقسام المتعددة المستويات، ترجمة حسني ربيعة، وزارة التربية الوطنية، المغرب، 1996.
* ربيعة حسني وآخرون، تدبير الأقسام متعددة المستويات، كراسة التكوين الذاتي، وزارة التربية الوطنية، 1997، ط1.
* وزارة التربية الوطنية، دليل تحضير وإجراء الدخول المدرسي2007/2008، المغرب، أبريل 2007. لدليل مادي على اعتراف الوزارة بالظاهرة والسعي إلى تنظيمها والتدريب عليها. وبذلك فالأقسام المشتركة هي ممأسسة بالقانون وبالأدبيات التربوية.
ـ تؤدي الأقسام المشتركة وظائف مختلفة لصالح السياسة التعليمية معبر عنها على الأقل في دليل تحضير وإجراء الدخول المدرسي2007/2008 ب: (ـ السعي إلى تعميم التمدرس في التعليم الابتدائي، في أبعد نقطة في الوسط القروي … الحرص على ترشيد الموارد البشرية بسبب ضعف المناصب المسندة للتعليم الابتدائي ).
وتبقى الوظائف الضمنية كثيرة ومتنوعة منها على الأقل الإمساك بالوضع الهش في العالم القروي من خلال تقريب التعليم وضبط المتعلمين في أنطولوجية الحضور السياسي الرسمي في الفضاء الجغرافي، وفي الفضاء الماورائي للذاكرة الجماعية للمجتمع القروي. غير أن هذا يفرز بعض التعقيدات في هذا الوجود، وفي واقع المؤسسة التعليمية التي تشكو الضعف والنتائج السلبية.
ـ يقدم القسم المشترك خدمة للمتعلم والمجتمع على حد سواء من حيث أن المتعلم يتلقى تعليما وتكوينا ولو هزيلا أفضل من أن يظل خارج حلقة التعليم والتكوين تنخره الأمية الأبجدية، ويسكت المجتمع كذلك من حيث وجود مدرسة قريبة منه تعمل على احتضان أبنائه دون التسكع في الحقول أو التعاطي مع موبقات هذا الزمن وهي كثيرة.
وهذه الوظيفة وأخرى بين ثناياها تقوم بها الأقسام المشتركة وتسد بها الفراغ الذي يمكن أن يحصل دون وجود مؤسسة تعليمية. لذا من ناحية العقل؛ يجب احتضان هذه الأقسام المشتركة والعمل على تطوير خدماتها بل العمل على الزيادة في مدخلاتها البشرية لتصبح أقساما مستقلة بذاتها. وفي بعض الأحيان فإن الأقسام المشتركة تكون نواة لمؤسسة تعليمية مستقلة وكاملة البنية، وذلك عبر التطور الديمغرافي والتوسع الجغرافي للمحيط المجتمعي والاجتماعي لهذه الأقسام المستقلة، خاصة في ضواحي المدن الكبرى وبعض القرى النموذجية.
ـ تمظهرات مكونات بنية الأقسام المشتركة متعددة ومتنوعة، سواء في مستوى البنية التحتية للمؤسسة التعليمية أو في مستوى عدد المتعلمين أو في مستوى الخدمات المقدمة أو في مستوى المستويات التعليمية التي تتكون منها أو في مستوى الإمكانيات أو في مستوى عدد الأساتذة أو في مستوى البرامج أو في مستوى كفاءات المتعلمين وارتباطاتها بالسيكولوجيا والثقافة والسوسيولوجيا والاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا والإعلاميات والاتصال وغيرها أو في مستوى الوعي بالظاهرة من قبل المجتمع المحلي وهيئة التدريس والإدارة والتفتيش والنيابة والأكاديمية والوزارة والمجتمع المدني؛ بمعنى الوعي الجماعي للفكر الرسمي والفكر المجتمعي بالظاهرة وتموقعها في بناء الإنسان وأنسنته … فالتمظهرات السطحية تتجلى أصلا في وجود مدرس واحد وبرنامجين أو أكثر ومستويين تعليميين أو أكثر، وسبورة أو سبورتين على الأكثر وغلاف زمني واحد للحصة الواحدة بمادتين متقاربتين أو متباعدتين … وقد عمل دليل الدخول المدرسي لسنة 2007/2008 على الحد من الأقسام التي تحتوي على أكثر من مستوى، وعلى التقليص من نسبة الأقسام المشتركة
ـ لكن في ظل التساؤل: هل حقق فعلا ذلك خلالسنة الفارطة ؟
ـ حيث ذهب إلى:
– ( الحرص على ألا يتجاوز عدد المستويات في كل قسم مشترك مستويين اثنين ؛
– تقليص النسبة الوطنية للأقسام متعددة المستويات إلى10% أو أقل عوض22% الحالية ). وضمن معطيات معينة قد تكون واقعية أو افتراضية؛ حيث تتشبث بها الدوائر الرسمية المتحكمة في السياسة التعليمية والمسيطرة على تدبير الشأن التعليمي في الجغرافية المغربية أسبابا ومبررات ومسوغات وحجج بل وأهدافا وغايات، قد تكون موضوعية وقد تكون بعيدة كل البعد عن الموضوعية. وبالتالي فإلى المسوغات.
ـ إلى المسوغات والأهداف:
هذه الظاهرة لم تنشأ من فراغ ولم تًعدم الأسباب والمسوغات. وإنما قامت في بدايتها على أسباب موضوعية ومعقولة ومنطقة، لكن سرعان ما دخلت في فكر الترقيع والصيانة غير المبرر. وأصبحت تستجلب للدفاع عنها مبررات واهية وهينة لا تقوم أمام الحجة القاطعة والمنطق السليم. ومن حيث الأسباب والأهداف نجد:
ـ في ظل حقوق الإنسان وحقوق الطفل؛ يأتي وعي الدولة المغربية بضرورة تمكين كل طفل مغربي بلغ سن التمدرس من حقه في وجود مقعد له في المؤسسة التعليمية، ولا يشذ عن هذا الحق الطفل القروي الذي يعيش في مناطق نائية وربما منعزلة ومعزولة. حيث صرحت الوزارة في دليل الأقسام متعددة المستويات بضمان حق التمدرس للجميع قائلة: ( إن ظاهرة الأقسام المشتركة وإن كانت تطرح بعض الصعوبات على مستوى التعامل المنهجي، فهي تجسد العناية التي توليها الدولة لضمان حق التمدرس للجميع، ولتقريب المدرسة من روادها بالقرية على قلتهم أحيانا بسبب التشتت السكاني ) و ( إن توفير المدرسة في الوسط القروي ضمان لتمدرس الأطفال قرب عائلاتهم ). وبالتالي فتقريب المؤسسة التعليمية من المواطن يبقى حقا من حقوق المواطنة، وتعميم التمدرس على مستحقيه من الأطفال يبقى مطلبا للدولة كما للمجتمع وللأسر المغربية، وينتصبان سببا موضوعيا لوجود القسم المشترك عند قلة التلاميذ الوافدين على المؤسسة التعليمية في محيطهم الجغرافي.
ـ وعي الدولة بمضمون تنمية العالم القروي على مختلف الأصعدة، دفعها إلى الاعتماد على التعليم كمدخل رئيسي لهذه التنمية، خاصة في عصر تفجر المعرفة وعصر المعلوميات. حيث تتوخى الوزارة من المؤسسة التعليمية في العالم القروي ( أن تعمل على إشاعة جو ثقافي يكون ذا فاعلية في تقدم البادية وفي نمط الحياة وجودتها، كما توصل إلى الأسرة عن طريق التلميذ عددا من التقنيات العصرية في الفلاحة واستثمار الأراضي الفلاحية الشيء الذي ييسر تطور وسائل العمل بالوسط القروي ).
وهذا سببا كافيا لخلق الأقسام المشتركة في المدرسة الابتدائية في المناطق ضعيفة نسبة التلاميذ. فتنمية العالم القروي من أسسها تنمية الموارد البشرية خاصة في مشاتل التعليم الابتدائي وهي المؤسسات ووحداتها المدرسية.
وهذا الحق يجب أن يدعم من الجميع ويعمل عليه بكل الوسائل الناجعة والناجحة في اكتسابه وحضنه. ويجب أن يظل مطلبا لكل مناطق ريفية لا توجد بها مؤسسات تعليمية
ـ ولكن ضمن رؤية وسترجة مضبوطة ومحكمة ذات عائد مضمون
ـ يلتف حوله من قبل الجميع.
ـ تشتت الساكنة وقلتها يؤدي إلى قلة عدد الأطفال المتمدرسين مما يؤدي بدوره إلى ظاهرة الأقسام المشتركة. ذلك أن الوزارة واعية بهذا المعطى الديمغرافي، الذي تعود أسبابها إلى قلة نسبة الولادة في الجيل الحديث في الوسط القروي، وهي أسباب ترتبط بعوامل عدة، منها العامل الاقتصادي والسياسي في ظل تدني مدخول الفرد وارتفاع معدل البطالة وقلة الرعاية الاجتماعية وغلاء المعيشة فضلا عن عدم تنمية الوسط القروي وبناء البنيات التحتية الرئيسة. كما أن سياسة تحديد النسل وترشيد الأسرة وتوعيتها أدخل إلى حد ما ثقافة الإنجاب، التي تعتمد على ملاءمة الجانب الاقتصادي والصحي والنفسي والاجتماعي مع خطط الإنجاب الأسري. كما أن نسبة العزوبة لها ارتباط بالموضوع. والوزارة ترى هذا المسوغ من أسباب تزايد ظاهرة الأقسام المشتركة بالوسط القروي، حيث قالت: ( بدأت وضعية الأقسام متعددة المستويات تأخذ حجما متزايدا في السنوات الأخيرة إذ بلغت 20% في إحصاء 2006-2005 وحوالي22% في الدخول المدرسي 2007 -2006 فضلا على التزايد لمثل هذه الأقسام التي يتجاوز عدد المستويات بها ثلاثة مستويات.
ومن أهم أسباب تنامي هذه الظاهرة : … تشتت ساكنة هذا الوسط ) .
ـ التقليص من الهجرة إلى الحواضر من أجل تدريس الأبناء، والتقليص من مصاريف دراستهم بتقريب المؤسسة التعليمية منهم. ودفعهم إلى التشبث بأراضيهم والاستقرار فيها وخدمتها. لكن هذا السبب لا يقف صامدا إلا من خلال تضامن عدة قطاعات لصالح العالم القروي، إذ التعليم وحده لا يكفي للحد من الهجرة، وإن كان هذا السبب موضوعي في الدفع بالقرويين إلى استقرارهم في أراضيهم والعمل على تنمية محيطهم الذي يعيشون به؛
حيث ( يبدو أن ما وضع على عاتق الأقسام متعددة المستويات من رهانات هو أكبر من أن تستوعبه إمكانات الواقع المحدودة. فعلاوة على الاعتماد عليها في تعميم التمدرس بالوسط القروي، وإنشاء مدرسة وطنية ذات إشعاع ثقافي وحضاري، فإنه يعول عليها في:
ـ الحد من الهجرة القروية إلى المدن بحثا عن مرافق الخدمات الاجتماعية ومنها المدرسة.
ـ الرفع من وعي القرويين بمختلف القضايا السكانية والمشاكل المرتبطة بها واتخاذ مواقف مسئولة إزاءها.
ـ تشبث القرويين بالأرض والاستقرار بها من خلال تطوير وسائل الإنتاج والعيش.
ـ إشاعة ثقافة الاعتزاز بالهوية الأصلية أنى كانت طبيعتها المحلية أو الجهوية.
ـ ضمان الارتباط بالجو الأسري لمدة تعتبر حرجة وصعبة من حياة الفرد لكونها تصادف مرحلة الكمون بتعبير فرويد، وهي مرحلة الهدوء التي تمهد لعاصفة المراهقة لاحقا.
ـ تخفيف عبء السكان القرويين المادي نتيجة تنقلهم واستقرارهم بالمدينة للدراسة ).
وهو ما عبر عنه وزير التربية السابق الدكتور الطيب الشكيلي في تقديمه للدليل العملي للأقسام المشتركة بقوله: ( وإن تقريب المدرسة من المواطنين لمن شأنه أن يسهم في محاربة الهجرة إلى المدينة التي قد تجتذب أهل القرى بسبب مغريات شتى ومن ضمنها ما يتوافر بها عموما من مدارس ومؤسسات تعليمية كما يسهم في حفز السكان بالقرى إلى التشبث بالاستقرار في أراضيهم وخدمتها … ).
ـ ( سوء توطين بعض الوحدات المدرسية، بسبب تدخلات جهات نافذة، وذلك لتوظيف المدرسة في أشياء كثيرة، باستثناء ما هو تربوي.
ـ البحث عن أرض من قبل الوزارة بدون مقابل، مما ينتج عنه بناء المدرسة في أمكنة غير مناسبة في الغالب ).
ـ القضاء على الأمية خاصة في العالم القروي، وقد بلغت نسبتها وفق إحصاء 2006 إلى 38.45% وهي نسبة مازالت عالية مقارنة ببعض الدول في نفس مستوى المغرب النمائي. ويظل مطمح المغرب أن يقضي على الأمية نهائيا بحلول 2015. والأمية مبرر للدولة في اتخاذها تقريب المؤسسة التعليمية من المواطن لمحو أميته، ومنه تتشكل ظاهرة الأقسام المشتركة في المناطق القروية والهامشية ذات نمو ديموغرافي ضعيف.
ـ ترشيد الموارد البشرية، وقد أفصحت عنه الوزارة في دليل الدخول المدرسي لسنة 2007/2008 بقولها: ( الحرص على ترشيد الموارد البشرية بسبب ضعف المناصب المسندة للتعليم الابتدائي ). وهذا فيه نظر لأن حجته تقوم إذا كان لدينا مبررات وجود القسم المشترك موضوعيا؛ كأن يكون عدد التلاميذ قليلا جدا، فمثلا في المستوى الأول أربعة متعلمين وفي المستوى الثاني ستة متعلمين، ويكون لكل مستوى أستاذ خاص به، في حين نجد خصاصا قائما في جهة ما لأستاذ من أجل مستوى يضم مثلا خمسة ثلاثين متعلما. فمن المنطق ومن الموضوعية أن نضم لأن وجود أستاذين هنا هدر للطاقة البشرية والمالية والمادية. لكن كأن نضم مستويين ونخلق منهما مثلا قسما مشتركا يضم أربعين متعلما، للحصول على أستاذ من أجل جهة ما لها خصاص في الموارد البشرية. فهذا حل مشكل بمشكل آخر قد يكون أسوأ من ناتجا. ويكون ترشيد الموارد البشرية مشجب نعلق عليه أخطاءنا ونبرر به السياسة المالية للدولة، التي لا تمكن قطاع التعليم من الموارد البشرية الكافية. وهذا مشكل الحكومة وليس مشكل المواطن الذي هو الطفل، الذي تحل الحكومة مشاكلها على حساب مستقبله خاصة وعلى حساب مستقبل البلاد عامة. لهذا فترشيد الموارد البشرية يحتمل وجهين متناقضين، لذا لا يمكن القبول به إلا بمبرراته الموضوعية والمنطقة.
ـ إلى الملامح الكبرى للأقسام المشتركة:
تتسم الأقسام المشتركة بسمات بارزة يمكن ذكر بعضها:
ـ من منظور بنيوي؛ القسم المشترك نسق يتكون من عناصر مختلفة في علاقة تفاعلية منفتحة على مجالها الداخلي والخارجي، يستدعي معرفة إبستيمية بكل مكوناته مع الإلمام بالحيثيات الخارجية المحيطة به. ومنه يتسم بالتعقيد أكثر من القسم الواحد المستقل حيث يتطلب وعيا بالظاهرة ومعرفة بعمقها من خلال:
* المعرفة التامة لسيكولوجية وسوسيولوجية وفسيولوجية واقتصادية متعلم القسم المشترك بما فيها نموه المعرفي والمهاري والاجتماعي ومتطلباته المختلفة. خاصة فيما يتعلق بسيرورة اكتسابه المعارف والاشتغال عليها وبها وبتمثلاته وتحفزاته وانخراطه في بيئته التعلمية والاجتماعية في الأسرة والقرية، واستعداداته وقدراته المتنوعة وميولاته وطموحاته وكفاءاته. حيث تتقاطع في هذه المعرفة عدة علوم إنسانية بما يشكل الإطار النظري الذي يشتغل به المدرس، وبما يمنحه مداخل الأداء الجيدة في القسم وضمان أعلى النتائج، لأن ( الربط بين المعارف خلق تجسيرات des pontages يسهل عملية تحويلها من وضعية إلى أخرى ومن مهمة إلى أخرى ). فهذه المعرفة تمكن المدرس من فهم متعلم القسم المشترك ومتعلقاته من فوارق فردية وقدرات تعلمية وكفاءات أدائية وتفكيرية والاجتماعية، ووصفها وتفسيرها فضلا عن قياس معطياتها الإحصائية والإجرائية.
كما تشكل إطار نظريا للممارسة الإمبريقية التي أصبحت تحقق مشروعية الإطار النظري، بمعنى أن الإطار النظري للقسم المشترك إن لم يصادق عليه التطبيق الميداني يدخل في الهلوسة التنظيرية على حد قول أستاذنا الدكتور الغالي أحرشاو. وهذا يدعو إلى إجراء بحوث وتجارب ميدانية لمقاربة القسم المشترك، حيث ( إن النهوض بالتربية والتكوين بالأقسام المتعددة المستوى وبغيرها من الأقسام بالوسط القروي، ربما توقف على تنشيط البحث والتجريب وإعطاء الحرية والمبادرة للمدرس لإيجاد الحلول بنفسه للمشاكل التي تواجهه ).
وهذه المعرفة ستمكن المدرس حسب الوزارة من الإلمام ب:
* الفوارق الإدراكية المعرفية لمجموعات المتعلمين الملتئمة في قسم متعدد المستويات: درجات اكتسابهم للمعارف المطلوبة من طرف المؤسسة التعليمية، الفروق التكوينية الحقيقية الموجودة بين هاته المجموعات في كل مادة، وعلى مستوى عنى قدراتهم العقلية حيث تتناسق التمثلات الذهنية والصور العقلية، والتفكير والعمليات المعرفية والممارسات الفكرية واستراتيجيات التعلم.
* الفوارق الإدراكية المعرفية الفردية الموجودة داخل كل مجموعة من مجموعات المتعلمين المكونة لقسم متعدد البرامج.
* التباين السوسيوثقافي بينهم: الأصول الاجتماعية، أنظمة القيم والمعتقدات، التجارب العائلية، رموز اللغة محلية وعائلية، أنماط التنشئة الاجتماعية، الثروات والخصوصيات الثقافية.
* فوارقهم السيكولوجية: سلوكهم المدرسي، حوافزهم، إرادتهم، انتباههم، إبداعهم، درجة استقلاليتهم، فضولهم، نشاطهم، حيويتهم، انشراحهم، توازنهم، وإيقاعهم التعلمي.
* تنوع أعمار المتعلمين: فارق الأعمار داخل القسم متعدد المستويات يمكن أن يعقد العلاقات بين الأفراد ويجعل عملية البحث عن مركز الاهتمام المشتركة جد صعبة ).
ـ المعرفة التامة بالعملية التعليمية التعلمية ومكوناتها وأدواتها وأنشطتها ونظرياتها، والتخطيط لها ضمن سترجة واضحة وضمن أطر نظرية وديداكتيكية مناسبة للمعطيات المختلفة للقسم المشترك بما يسمح بقياس النتائج وتقويمها وتصحيحها. فهذه المعرفة تمكن المدرس من المداخل العملية لتدريس القسم المشترك، وتمنحه الثقة في خطواته المنهجية وأدواته العملية في ظل قراءته النقدية للبرامج والمناهج التعليمية المقررة، وتسعفه في حل المشاكل المتعلقة بالقسم المشترك في منحى المتن التعليمي ومنهجية التدريس ووسائل العمل إبستيميا ووظيفيا، حيث ( المكون البيداغوجي
ـ الديداكتيكي: يهم كيفية تنظيم فضاء القسم الدراسي وما يطرحه من مشاكل تقنية لها علاقة بتصور المجال من حيث توزيع التلاميذ، ومواقع الوسائل التعليمية، وتموضع الأطراف وخاصة المدرس ودور ملحقات القسم من خزانة ومتحف وركن للقراءة وغيرها من الإجراءات التي تدخل في سياق تنظيم فضاء القسم زمنيا ومكانيا، وهو أحد الإجراءات التي تبرز كفاءة ومهارة معلم القسم متعدد المستويات ). وترى الوزارة في القسم المشترك مشروعا بيداغوجيا غير مكتمل ومفتوح ( يترك للمدرسين هامشا كبيرا من حرية التصرف للتأويل والتكييف والتعديل من أجل ضبط الجوانب التالية: أ ـ ربط وتركيب المعارف والمهارات المدمجة في مختلف البرامج الدراسية المتعلقة بالمستويات المكونة للقسم المشترك.
ب ـ تخطيط وبرمجة وربط وتنظيم الأنشطة التعليمية، وفترات التعلم والدروس الموجهة لمجموع المستويات و/أو لكل مستوى على حدة.
ج ـ تنظيم الزمن والفضاء الدراسيين.
د ـ اختيار مختلف الوسائط المادية: أدوات ومعينات.
هـ ـ تنظيم ظروف وطرائق التعلم والتعليم: منهجيات، سيرورات، إجراءات وأنماط العمل تبعا للقدرات المعرفية الحقيقية للمتعلمين وحسب معيقات وظروف عملهم )؛ وهذا ما تمكن المدرس منه المعرفة التامة والعميقة بالعملية التعليمية والتعلمية.
ـ المعرفة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لمجتمع المدرسة، حيث يعكس القسم المشترك خصوصيات ومميزات ذلك المجتمع. إذ المعرفة بمجتمع المدرسة تمكن المدرس من المعرفة بمجموع مكونات بنية المدرسة ومجمل العلاقات القائمة بينها وتأثيراتها البينية، وهي علاقات متأثرة بالمكونات البيئية الطبيعية والجغرافية والثقافية والاقتصادية والسياسية والعقائدية، وبأنماط التفكير السائد في ذلك المجتمع، حيث تشكل المدرسة فيه عائدا اجتماعيا لكل تلك التأثيرات، بمعنى المدرسة هي رجع صدى تلك التأثيرات لأن (التركيب الاجتماعي للمدرسة مستمد من المجتمع الذي توجد فيه ومؤثرات بيئية عليها . والتأثر الاجتماعي الذي تمارسه المدرسة على الفرد و شخصيته والمجتمع وثقافته هو نتيجة التأثيرات الاجتماعية تلك ).
فالمدرسة تشكل ( امتدادا مجتمعيا منظما ومجردا في قوالب وإطارات رمزية مليئة بمعطيات ثقافية وتاريخية وحضارية وعلمية ومعرفية ومهارية وعلاقات بينية وتفاعلات واقعية، ممارسة في فضاء مكاني وزماني معينين بواسطة نظام معين وطاقم بشري مؤهل لذلك في مختلف مستويات التأهيل المهني. ومن هذا المنطلق الاجتماعي تعد المؤسسة التربوية مؤسسة اجتماعية بامتياز؛ تعمل على اجتماعية المتعلم، بمعنى تصييره إنسانا اجتماعيا مقبولا في وسطه الاجتماعي وفئته الاجتماعية، منسجما مع مكونات مجتمعه، ومتفاعلا معها، ومتضامنا مع قضاياه ).
فالمعرفة بمجتمع المدرسة يساعد المدرس على بناء علاقات صحيحة مع وسط المؤسسة الحاضن لها، ويستثمرها في مساعدة المؤسسة على أداء دورها المنوط بها، كما يدفع ذلك الوسط إلى متابعة تعلم أبنائه ومراقبتهم مما ينجح خط المدرسة. كما يشركهم في حل المشاكل وتذليل الصعوبات والمعوقات التي تعترضه في تعليم ناشئة الوسط المدرسي … مقابل المعرفة بخصوصيات كل متعلم فالاجتماعية؛ فيدفعه إلى معرفة نفسه وبناء ذاته مع معرفة الآخر ومشاركته في بناء ذات المجتمع. كما تمكنه تلك المعرفة من تصريف العلاقات في جماعة القسم وتوظيف الفروق الفردية في تناول التعلمات والأنشطة وتكوين مجموعات منسجمة فيما بين أفرادها، ومناسبة المتن التعليمي مع معطيات الوسط الاجتماعي. فمثلا: معطى الوسط يفيد وجود مواد خام أولية توظف في تزيين الخزف على سبيل المثال؛ فالمدرس سيعمل على توظيف هذا المعطى البيئي في مادة التربية التشكيلية، كما يمكنه الانطلاق من عادات وتقاليد المجتمع المحلي للمدرسة في مقاربة بعض المفاهيم العلمية كمفهوم الإنجاب أو التشكل الطبيعي لبعض الظواهر العلمية … وهكذا فإن المعرفة التامة بمجتمع المدرسة المحلي له كثير من الاستثمار في التدريس. ويمكن التوسع في شأنه في كتب الاختصاص خاصة في سوسيولوجيا التربية وعلم النفس الاجتماعي، حيث ( صاغ فيكوتسكي، نظرية تفاعلية حول التعلم، لكنها تركز على مكون الاجتماعي. في تصور أن الاتجاه الحقيقي للتفكير لا يذهب من الفردي إلى الاجتماعي، بل من الاجتماعي إلى الفردي. فحسب هذا العالم، يتم تحديد التفكير والشعور بواسطة نشاط الفرد الذي يتحقق مع أمثاله في وسط اجتماعي محدد. هكذا، أعيد اكتشاف هذا العالم بفضل دراسات علم النفس الاجتماعي. لقد بينت دراسات علم النفس الاجتماعي الدور الأساسي الذي يلعبه الأقران في سيرورة التعلم ) ضمن ديناميات الجماعات،التي ( قوامها تكوين الأفراد عن طريق دمجهم في حياة زمرة اجتماعية معينة وتدريبهم على الحوار الاجتماعي والتفاعل والتعاطف الاجتماعي وسواه من العلائق الاجتماعية التي لا تكمل شخصية الفرد بدونها و لا يتم تكوينه تكوينا سليما إلا من حين يُغمر في جوها ومناخها … ومنطلق ذلك أن البيئة الاجتماعية والعلاقات الاجتماعية والحياة الاجتماعية هي أولا وآخرا سبيل تكوين الشخصية السليمة والطبع المتزن والثقافة المنتجة والمواقف والاتجاهات الصحيحة ). فالوعي بهذه الدينامية تمكن الأستاذ من استحضار البعد الاجتماعي في تدريس القسم المشترك من باب تذليل بعض الصعوبات.
فهذه المعرفة في أبعادها الثلاثة يمكن أن نضيف إليها بعدا رابعا يتمثل في معرفة المدرس بذاته، وهي معرفة تمكن المدرس من الثقة بالنفس والعزيمة القوية، وتخلق فيه الحوافز على العمل في القسم المشترك. إلى قيادته نحو كفاية التكيف وفق معطيات مهامه التفصيلية. كما تشكل له مرجعية يعود إليها في دعم رؤيته النظرية لفعل التدريس بالقسم المشترك. فإذا كان ( التلميذ يعالج معلومات وجدانية ومعرفية [ ميتامعرفية ] métacognitives ) فإن المدرس ( يعالج معلومات مرتبطة بمحتوى المادة المقررة في برامج الدراسة. كما يعالج كذلك معلومات تتعلق بتسيير الفصل، وكذا المعلومات المرتبطة بالمكونات العاطفية والمعرفية للتلميذ. فالمصلحة تقتضي إذن أن يكون نهج التعليم مساعدا لنهج التعلم ). كما نستحضر هنا أنه ( هناك مدرسون تتباين شخصياتهم وتكوينهم وكفاءاتهم ومعتقداتهم وحوافزهم ).
هذا وقد عددت وزارة التربية الوطنية ملامح القسم المشترك في:
ـ التعليم متعدد البرامج تعليم غير متجانس …
ـ التعليم متعدد المستويات يعوض وساطة المعلم المطلقة بالوسائط المادية …
ـ التعليم متعدد المستويات مشروع بيداغوجي غايته تحقيق استقلالية المتعلمين ….
ـ التعليم متعدد المستويات هو تعليم معقد ومركب …
ـ التعليم متعدد المستويات هو تعليم مفتوح … ). ـ إلى صعوبات الأقسام المشتركة:
تطرح الأقسام المشتركة عدة صعوبات على مستوى الإعداد والتنفيذ والتقويم، وعلى مستوى الاستعداد السيكولوجي والمهني للمدرس فضلا على مستوى المتعلم. وهذا ما تعترف به الوزارة حيث تقول: ( غير أن كل ذلك [ أي الخدمات التي تسديها الأقسام المشتركة للوزارة المذكورة سابقا ] يجب أن لا ينسينا أن التدريس في قسم ذي مستويين لا يخلو من صعوبات بالنسبة لكل من المعلم والمتعلم )؛ ومن هذه الصعوبات نجد:
مستوى البرمجة:
ليس للقسم المشترك برنامج تدريس خاص به، وإنما هو جمع بين برنامجين أو أكثر مستقلين في حيثياتهما وإن كانت بعض العناوين مشتركة بينها. مما يقتضي من المدرس قراءة البرنامجين قراءة متفحصة واعية بمناطق التلاقي والاختلاف، حيث هذا الوعي يتطلب الإلمام بمناطق التجانس التام والتجانس النسبي في البرنامج وليس على مستوى العناوين فقط وإنما على مستوى المتن التعليمي، بمعنى على مستوى التفاصيل العلمية وحيثياتها الأدائية.
فمثلا: قد نجد درس الفعل اللازم والمتعدي في المستوى الخامس والسادس في الابتدائي ضمن إطار البرمجة اللغوية متجانسا، لكن ضمن إطار التفصيل العلمي والمنهجي للدرس نقف على اختلاف في الأنشطة والتعلمات ودرجاتها وتنوعاتها ونوعياتها والديداكتيكيا والمعينات البيداغوجية مما يجعلنا أمام عدم التجانس في محتوى الدرس ومنهجيته، الشيء الذي يتطلب قراءة مقارنة لنفس العنوان المبرمج في المستويين الخامس والسادس على سبيل المثال، للخلوص إلى نقاط التقاطع ونقاط الاختلاف. وتقاطع المنهجية من اختلافها. ولو أخذنا على سبيل المثال برنامجي المستويين الثالث والرابع في مادة التربية الوطنية وتمت قراءتهما على مستوى العناوين يمكن الخلوص إلى برنامج واحد لمادة التربية الإسلامية يعتمد في مقاربته على التربية الفارقية، من حيث نقرر أن المستوى الثالث يشكل مجموعة أولى في جماعة القسم المشترك، والمستوى الرابع يشكل المجموعة الثانية على أساس أم كل مجموعة تضم مجموعات صغرى أخرى وفق أداء المتعلمين. والبرنامج يأتي على الشكل التالي: برنامج مادة التربية الإسلامية للقسم المشترك 3 + 4 الأسابيع القرآن الكريم العقيدة والعباد الآداب الإسلامية 1 تقويم تشخيصي تقويم تشخيصي تقويم تشخيصي 2 تقويم سورة الفاتحة والأعلى والغاشية الله جل جلاله خالق كل شيء حسن المعاشرة ( الأصحاب والجيران 3 تقويم: من س الفجر إلى س الليل الإسلام والإيمان والإحسان بر الوالدين 4 تقويم: من س الضحى إلى س البينة الإسلام والإيمان والإحسان العفو عند القدر 5 تقويم: من س الزلزلة إلى س الناس الرسل والأنبياء اجتناب الوشاية 6 سورة التكوير الرسل والأنبياء ولادة سينا محمد صلى الله عليه وسلم 7 سورة التكوير محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ولادة سينا محمد صلى الله عليه وسلم 8 تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز 9 تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز 10 سورة الانفطار المعجزة والملائكة الرحمة 11 سورة المطففين الكتب السماوية التواضع 12 سورة الانشقاق الوضوء عمليا: فرائضه تمتين الروابط الاجتماعية 13 سورة لانشقاق الوضوء عمليا: سننه اجتناب الغش 14 سورة البروج مستحبات الوضوء نشأة الرسول صلى الله عليه وسلم 15 سورة الطارق مكروهات الوضوء نشأة الرسول صلى الله عليه وسلم 16 تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز 17 تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز 18 سورة القيامة نواقض الوضوء اجتناب الكلام القبيح 19 سورة القيامة الاستبراء والاستنجاء والاستجمار اجتناب الكلام القبيح 20 سورة الإنسان الآذان والإقامة الصدق 21 سورة الإنسان الصلاة عمليا: فرائضها النهي عن النجوى 22 سورة المرسلات الصلاة عمليا: شروطها صلة الرحم 23 سورة المراسلات الصلاة عمليا: مستحباتها كدحه صلى الله عليه وسلم في سبيل الرزق 24 تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز 25 تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز 26 سورة النبأ مكروهات الصلاة اجتناب الأشرار 27 سورة النبأ التيمم اجتناب التسول 28 سورة النازعات موجبات التيمم الأمانة 29 سورة النازعات صلاة الجماعة إتقان العمل 30 سورة عبس صلاة الجمعة إتقان العمل 31 سورة عبس صلاة العيدين بناء الكعبة 32 تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز 33 تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز تقويم ودعم وتعزيز 34 تقويم نهائي تقويم نهائي تقويم نهائي وأما ما يخص مستوى المتن التعليمي، فلنتلمس قراءة لدرسين مختلفين في المتن بعنوان واحد. حيث يقف الأستاذ على نقاط الاشتراك بين المتنين وعلى نقاط الاختلاف ؛ وينطلق من ذلك في تأسيس درس واحد حسب معطيات متعلميه المختلفة، معتبرا أنه في مستوى واحد ذي مجموعات مختلفة مستخدما البيداغوجيا الفارقية. وهذا ما يمكن إنجازه في ورشة عملية لترجمة هذه الرؤية أو هذا الاتجاه النظري.
مستوى الديداكتيك:
في غياب إطار منهجي للقسم المشترك يتخبط المدرس في إيجاد منهجية لتدريس متعلمي هذا القسم، مما يرفع من حدة الصعوبة على مستوى الديداكتيكا. ومن المعوقات المنهجية التي تقف أمام المدرس والمتعلم على حد سواء. فالقسم المشترك يُتعامل معه كأنه حجرة واحدة جمعت مستويين على مستوى المكان والزمن فقط. وهذا المنظور خاطئ من حيث المبدأ لأن الاعتبار يفضي إلى تبني منظور جديد يقوم على البيداغوجيا الفارقية، التي تعتمد في المستوى الواحد كما في القسم المشترك من كونها توظف مجموعة من المناهج والطرق والتقنيات والوسائل التعليمية التعلمية من أجل الوصول بالمتعلمين المختلفين أصلا في المعطيات النفسية والمهارية والفكرية والقيمية والاجتماعية والثقافية إلى نفس الكفايات. وبما أن القسم المشترك معترف به في النظام التعليمي بطريقة محتشمة أدت هذه الطريقة إلى إهماله من حيث البرمجة والأداء. مما جعل الساحة التعليمية تقوم على الاجتهاد الفردي وفي أحسن الأحوال بعض اجتهادات مجالس الأقسام والمجالس التربوية. إن هذا المستوى ليجد بعض الحلول في البيداغوجيا الفارقية، وفي علم النفس المعرفي الذي يشتغل على اكتساب المعرفة ومسارها البنائي لدى الفرد، والاشتغال بها وعليها ويحدد نسقية حل المشكلات، حيث ( يتضح جليا أن سيرورات البحث عن المعلومات والتأويل والاستنتاج وتحليل المشكلات واتخاذ القرار تتدخل في عدة أنشطة مختلفة بل تكون عمودها الفقري. تعد وجهة النظر تلك التي شكلت تغييرا هاما في طريقة معالجة المشكلات من أهم خصائص علم النفس المعرفي ). وبالتالي يمكن البحث عن حلول للمشكلات الديداكتيكية الخاصة بالقسم المشترك ضمن حدود مباحث هذه البيداغوجيا وهذا العلم كما سنرى في مكانه.
مستوى تدبير فضاء وزمن القسم المشترك:: يشكل تدبير فضاء وزمن القسم المشترك تحديا كبيرا للأستاذ نتيجة تداخلهما في ذات اللحظة التدريسية، حيث عمليا لا يوجد حاجز مادي يفصل بين المستويين ولا توجد صيغة عملية لقسمة الزمن المدرسي عليهما! ومن هنا تنبع صعوبة تدبير هذا الزمن، علما بأن المتعلم في سباحته الفكرية وشروده العقلي لا يختار لحظة ما بعينها يعلمها الأستاذ لينتقل فيها من فضائه التعلمي إلى الفضاء التعلمي للآخر. فهو يتنقل متى شاء، مما يحدث عنده إذا أردنا قطيعة إبستيمية لحظية تشكل معيقا معرفيا في متابعة تعلماته مع زملائه. وهذا ما يلمسه الكثير من الأساتذة عندما يوجه سؤالا لمستوى فيأتيه بسرعة الجواب من الضفة الأخرى. الشيء الذي يوجب إشغال المتعلم وإغراقه بكليته في التعلمات، بمعنى إغماسه في الأنشطة، حيث يصبح تعلمه تعلما ذاتيا تحت إشراف المدرس. وتدبير فضاء التعلم يطرح صعوبة عند فقدان أو قلة الوسائل، إذ وجود سبورة واحدة أو جهاز حاسوب واحد أو وسيلة ما واحدة تنعكس على أداء المدرس والمدرس في نفس الوقت. فلكما سعى الأستاذ إلى ترشيد الفضاء كلما جاء على حساب لنتائج، لذا يتطلب القسم المشترك توفير الوسائل والمعدات والأجهزة أكثر مما يتطلبه القسم العادي ـ إن أردنا فعلا تدبيرا معقلنا للفضاء وللزمن المدرسيين
ـ لأن الاشتغال في ظل معطيات القسم المشترك تتطلب ذلك.
فالخلفية العلمية للمعينات البيداغوجية والقراءة العلمية للبرنامجين أو البرامج تفيد في توظيف المعينات في تأثيث الدرس والفضاء معا، كما تفيد في استغلال الزمن على الوجه الأحسن إن لم نقل الأمثل، حيث ( يجب أن يتميز الإعداد المادي للقسم بسهولة التغيير للتمكن من تدبير ملائم لمشاريع وأعمال التلاميذ الفردية. يعني هذا تدبير الإعداد المادي تدبير المكان وكل ما يحتوي عليه هذا المكان. الموارد والأجهزة المادية التي توضع رهن إشارة التلاميذ: الكتب الديداكتيكية الملصقات أوراش العمل أو أركان الأنشطة ).
مستوى القراءة والوعي بظاهرة القسم المشترك::
إن الوعي بالظاهرة والمعرفة النظرية بها وقراءتها ضمن السياق التعليمي يساعد كثيرا الأستاذ في إيجاد الحلول المبتكرة للقسم المشترك، حيث تتميز بعض التجارب التدريسية بأفكار وحلول مبتكرة تساهم في مساعدة الأستاذ على التدريس في القسم المشترك ضمن إطار بيداغوجي ومنهجي صريح ومعلن. وهذا الوعي والقراءة للظاهرة القسم المشترك لا يتأتى للجميع على قدر من التساوي لأنه وليد معطيات علمية ومهنية واجتماعية وثقافية كثيرة. مما يجب أن يتشكل في أطره الطبيعية لا خارجها. فالتسطيح للظاهرة يساهم في صعوبة هذا المستوى. فليكن لنا مثال معلما من معالم هذه الفكرة، ذلك أن الأستاذ الذي تتشكل له قراءة خارجية للقسم المشترك لا يمكنه أن يتقدم في تدريس هذا القسم. فالقراءة أو بالأحرى فعل الإقراء يلغي وعي الذات بالموضوع ويشكل ضبابية حوله. فالأستاذ الذي يكون فكرة عن القسم المشترك من خلال الآخر خاصة إذا كان هذا الآخر غير مؤهل لذلك، يبقى حبيس الأفكار العامية التي لا ترتكز على سند موضوعي أو علمي، كأن تفيده تلك الأفكار بعدم جدوى القسم المشترك بالمطلق أو لا فائدة منه بالنسبة لمجموع التلاميذ أو صعوبة التعاطي معه على المطلق أو إمكانية إلغاء الأقسام المشترك في المناطق ضعيفة الروافد البشرية أو ما شابه هذا كمن الأفكار السلبية المسبقة! وهو الأمر الذي يستدعي المراجعة النقدية فعل الإقراء وإحلال مكانه فعل القراءة الذاتية لهذه الأقسام وللذات.
فالوعي بالظاهرة كما هو مقرر في العلوم وفلسفتها جزء من حلها ومقاربتها. لهذا يشكل الوعي بظاهرة الأقسام المشتركة المبني على الحقائق العلمية والموضوعية والواقعية جزءا من حل مشاكلها المتنوعة. ومن منطلق أن الأقسام المشتركة تشكل موضوعا علميا للباحث التربوي والاجتماعي والنفسي والمهني … فهي تشكل للأستاذ موضوعا للبحث لأنه يهمه بالدرجة الأولى، ومنوط به حل مشكلاته وصعوباته في إطار من المعرفة العلمية بما هو القسم المشترك متطلباته؛ ذلك أن ( أهمية تزويد المدرسة بالذات بمعلمين يدركون القضايا الأساس في فلسفة العلوم والإيبستمولوجيا.
ودون أن يكون المعلم واعياً بطبيعة العلم
-العلوم المختلفة، يصبح من العبث توهم القدرة على إجراء ممارسة تعليمية ترتكز على رؤية العلم في وحدته وترابطه).وعليه نرعى وجود صعوبة لدى البعض بمختلف إطاره وموقع مسئوليته في تناول القسم المشترك من منظور واع ومتفهم ومنفتح. وأما صعوبات القسم المشترك فتتمثل للوزارة في:
1 ـ صعوبات الربط بين مضامين المواد التعليمية والبحث عن جذعها المشترك.
2 ـ صعوبات تخطيط وبرمجة الأنشطة التدريسية والدروس الموجهة إلى كل من المجموعات التي يستهدفها التعليم متعدد البرامج.
3 ـ صعوبات تدبير الزمن المدرسي.
4 ـ صعوبات المزامنة المتناسقة والتوزيع المتوازن لتدخلات المدرس بين مختلف التدريسات الجزئية والتي يجب أن يتحمل إنجازها والإشراف عليها.
5 ـ صعوبات تغيير وتمييز وضعيات التعلم، وأنماط العمل، واستراتجيات التعلم والمقاربات المنهجية بكيفية ملائمة لكل مادة ولكل مستوى دراسي.
6 ـ صعوبات تنويع الأدوات الديداكتيكية.
7 ـ صعوبات تدبير فضاء القسم.
8 ـ صعوبات تدبير العلاقات بين الأفراد، تدبير وحدة وتلاحم مجموعة القسم.
9 ـ صعوبات تفعيل الاستقلال الفكري والمعرفي للمتعلمين.
10ـ صعوبات تصور وإنجاز الأدوات الديداكتيكية لتحقيق استقلالية وتفريد التعلمات.
11 ـ صعوبات مرتبطة بكيفية ضمان اكتساب التعلمات من طرف جميع التلاميذ.
12 ـ صعوبات متعلقة بتكييف التلاميذ مع العمل المستقل الذي يفرضه التعليم متعدد المستويات. 13 ـ صعوبات تتعلق بإعداد دروس مختلف المقررات الدراسية المتناولة.
14 ـ صعوبات مرتبطة بالتقييم التكويني لتعلمات مختلف المجموعات.
15 ـ صعوبات تتعلق بمعالجة النواقص والهفوات الملاحظة في التكوين المعرفي لتلاميذ مختلف المستويات في كل مادة دراسية ). وفي تذليل هذه الصعوبات، حاولت الوزارة في إطار التكوين والتكوين عن بعد على تسهيلها والحد منها، لكن جهودها تظل موسمية ومحدودة مما تؤثر على النتائج. وتبقى مبادرات هيئة التدريس والإدارة والتفتيش التربويين قائمة في هذا المضمار، تحاول قدر مستطاعها تجاوز آثار وتأثيرات القسم المشترك على تعلم التلاميذ